غيَّب الثرى محاسنَ وجهه البريء وأخفى القبر لحيتَه الكريمة وتلاشت نبراتُ صوتِه الهادئة التي كانت ترتِّلُ روايات الإمام الغائبِ فكان يتحفنا بنور شمسه وإن كانت متوارية خلف السحاب .
كنَّا صغارًا ندبُّ دبيب النمل في ساحات المعرفة نبحثُ عن طعام في أيام الصيف لنخزنه لأيام الشتاء وقد حاصرتْنا المحن من الجهات الأربع وكان صوت الشيخ الكوراني – رحمه الله – ملاذًا آمنًا حينما يدخل إلى أسماعنا فنستمع له خاشعين ونردده فرحين .
رحلتَ بهدوء الحكماء وغادرتَ بسكينة العلماء بعيدا عن الضجيج والصخب والمناكفات عشتَ سعيدًا ومتَّ عزيزًا لم تحسد أحدًا من أقرانك ولم تنتقص من منزلتهم ولم تغالب أحدًا ولم تكن يوما شخصيةً جدليةً .
ستُطبعُ مدوناتك وسَتُنشرُ مذكراتك بوصيتك وسيطَّلعُ عليها القريب والبعيد .
فيا أيها الموت الذي لابدَّ منه …. كم كنتَ قاسيًا وأنتَ تنتزع هذا الشيخ من أحضان محبيه ومريديه .
لروحه الرحمة ولسيرته أطيب الذكر ولذويه وطلبته الصبر وإنا لله وانا اليه راجعون
سلام عليك حيا وميتا … والملتقى في ساحة الله العزيز الحكيم .
الدكتور فالح حسن الاسدي