ا.د.ضياء واجد المهندس

كان الرئيس العراقي عبد السلام محمد عارف بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 يستهل في خطبه في المعسكرات كلامه بالسلام عليكم ابو خليل .
و اطلق في كثير من خطبه شعارات جديدة، لا ربط بينها ولا تهدف الى مفاهيم معينة. فتارة يقول: ان جمهوريتنا اشتراكية، وطنية، الهية، خاكية.. وتارة اخرى يقول: لا قصور ولا دور ، لا حاكم ولا محكوم ، لا احزاب لا كتل ، امة واحدة وحزب واحد. لا شرقية ولا غربية، لا جنوبية ولا شمالية، لا جوني ولا جون بول، انما حمد و حمود… لا اقطاع بعد اليوم ، لا قصور لا ثلاجات، لا تلفزيونات. لا تفاوت، لا طبقات، ولا جلالات، ولا فخامات، بل حرية وعدل ومساواة.
وقد سببت له الخطابات الكثير من ردود فعل لدى الجماهير ،وكانت سببا في التآلب عليه والتنديد به، و ابعدته عن المسرح العسكري والسياسي، وظلت هذه العادة مستحكمة به حتى عندما اصبح رئيسا للجمهورية!!
ومن خطبه في معسكر رانية امام حشد من الضباط والجنود، قال ضاحكا”:
( شأحجي ، البامية انكلبت شيخ محشي !!)…
و يروي عبد الرحمن فوزي ( احد كبار موظفي الإذاعة والتلفزيون ) انه كان يعمل مونتاج على خطب عبد السلام الرئيس، بأمر من الدكتور محمد بديع شريف رئيس ديوان رئاسة الجمهورية. بسبب ان الرئيس لا يأخذ بنظر الاعتبار الدبلوماسية، لاسيما تلك التي ينكت فيها !!
ومرة تناول الرئيس عبد السلام في خطبة له احد رؤساء الدول العظمى( الاتحاد السوفيتي) واخذ يسبه و يشتمه و ينكت عليه قائلا :
(بشرفكم يا جماعة مو ( صاحبنا ويقصد خروتشوف ) راسه راس الثور) !!
ويقول عبد الرحمن فوزي، ان الشريط المسجل عليه تلك الخطبة كان قد وصل الى دار الاذاعة، لإذاعته.. غير ان سكرتير رئاسة الجمهورية عبد الله مجيد حضر بنفسه، وطلب شطب تلك الجمل (الرائعة!) من ذلك الشريط، لذا حذف نصف الشريط المسبب للاحراج، و اذيع الصالح منه . تذكرت جزء من خطب الرئيس عبد السلام محمد عارف، وبعض من خبرائنا يقيم الأداء الإعلامي ( الخطابي والبلاغي ) لرئيس الوزراء خلال المرحلة السابقة، حيث أظهرت احصائية عن ظهور السوداني بالفضائيات (عشرة حوارات ) ببضعة أشهر .. و فضائية جديدة روجّت لنفسها بإسمه..
على الرغم من كثرة اللقاءات الحصرية ل رئيس الوزراء العراقي (محمد شياع السوداني) في القنوات التلفزيونية المحلية والعربية والعالمية، الا ان الكلام بات مكررا” و مستهلكا” في أغلب اللقاءات والتي تجاوزت اكثر من ١٠ لقاءات خاصة خلال مدة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر من توليه منصب رئاسة الوزراء. ولازالت العادة الشائعة عند رؤوساء العراق في الاستحواذ على الاخبار والقنوات الإعلامية و الفضائيات ، منذ زمن عبد الكريم قاسم حتى الآن ..ويعتبر صدام حسين صاحب الرقم القياسي في الظهور على التلفاز بقنوات العراق كافة متحدثا” بكلام مكرر وسطحي مثل الآخرين الذين يفقدون البعد الاستراتيجي للخطاب والرصانة في الطرح والبلاغة في اللغة.. المهم ، أن يقلل الرئيس ظهوره و تشنجاته و توبيخاته للمسؤولين وأن يعمد إلى استخدام القانون والضوابط والتعليمات ، وأن يصدر المتحدث الرسمي لإلقاء البيانات ..نريد حكومة تتحدث نفسها بالإنجازات لا بالدعايات والتصريحات ، باختصار نريد حكومة خدمات وتطبيق القانون و النظام ، لا حكومة اعلانات و اعلام .. ربنا اجعل من لساننا فصيح…و من كلامنا الصدق الصريح..

البروفيسور د ضياء واجد المهندس.

مجلس الخبراء العراقي