بقلم ايناس كريم
لم تكمل الثلاثين ربيعاً ولكنها كانت طفلة تحمل على كتفها مائة خريف يتسابقون جميعاً لاسقاط أوراقها الخضراء مرسوم على كفها الأبيض قدراً مشوه مخلوط بكحل عينيها الدامعتين وعطرها المقتول ومصيرها المجهول
كانت ضائعة تلعن كل من حولها وخائفة ترجو الهرب حتى من ثيابها لا تأمن لاحد وهذا حقها فحتى من ظنت انه سندها واسمه زوجها كان أول من باعها لفؤوس الحطابين كان حطاب يقطع ما ينمو من اغصانها ويرميه الى النار وهو الذي اخذها بيديه الى طريق الموت !
عندما طلبوا مني التدخل لمساعدتها لم أصدق بشاعة ماقالوا حتى رأيت بعيني كيف تُعلق البراءة على مشانق المخdرات !
كانت طفلة تختبيء من الجميع خلف السباب والشتائم تريد أن تنجو بنفسها ولا تعرف ولاترى سوى ذلك الأنبوب الزجاجي ملجأ لها !
راهنت نفسي والجميع ان هذه الطفلة من الممكن أن تولد من جديد فعشت معها المخاض بعد المخاض ورددت خلف باب حجرتها في المصحة مئات الادعية
كنت أخشى من ردود فعلها تجاه المعالجين فاشعر بالهلع كلما رأيت رقم المشفى يتصل بي خوفا ًمن حدث ما مثل خوف الأمهات حين تتصل بهن إدارة المدارس بسبب بنتاتهن او أبنائهن
واليوم اكملت علاجها وخرجت معافاة مبتسمة تريد أن تعيش بكل ماتستطيع وتعود للشجرة التي سقطت منها سابقا ً
عادت كالعصافير ترغب بإكمال دراستها عادت الطفلة التي لا تريد ان تترك يدي امها وتبدأ بالمشي وحدها
كانت من أكثر أطفالي وجعاً في المخاض
فانتم تعلمون انا ام لكل من عادوا لهذه الحياة